السبت، 11 أكتوبر 2025

التصعيد الأمريكي الإسرائيلي ضد إيران: بين منطق القوة وحدود النظام العالمي


التصعيد الأمريكي الإسرائيلي ضد إيران: بين منطق القوة وحدود النظام العالمي

في لحظة تاريخية تتسم بالتحولات الجيوسياسية العميقة، يعود شبح الحرب إلى سماء الشرق الأوسط، حيث يتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، على خلفية الملف النووي الإيراني. غير أن هذا التصعيد لا يمكن قراءته فقط من زاوية الصراع العسكري، بل يستدعي تأملًا أعمق في بنية النظام الدولي، وحدود الردع، وتوازنات القوى الإقليمية والعالمية.

1. من التنسيق العسكري إلى احتمالات المواجهة

التحالف الأمريكي الإسرائيلي ليس جديدًا، لكنه في هذه المرحلة يتخذ طابعًا أكثر هجومية. تحريك حاملات الطائرات الأمريكية إلى الخليج، والتصريحات المتكررة من مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين حول "الخيار العسكري" ضد إيران، تعكس نية واضحة في فرض معادلة جديدة بالقوة، تتجاوز أدوات الضغط الدبلوماسي والعقوبات الاقتصادية. هذا التوجه يعكس تصورًا استراتيجيا يرى في إيران تهديدًا وجوديًا، لا يمكن احتواؤه إلا عبر الضربات الاستباقية.

2. إيران بين العزلة والدعم المتعدد الأقطاب

رغم العقوبات والضغوط، لم تعد إيران معزولة كما كانت في السابق. باكستان أعلنت دعمها السياسي لطهران، وإن نفت تقديم دعم عسكري مباشر. أما الصين وكوريا الشمالية، فهما حليفتان محتملتان في حال اتسع نطاق المواجهة، خصوصًا في ظل التوترات المتزايدة بين بكين وواشنطن. ومع ذلك، تشير التحليلات إلى أن موسكو وبكين لن تغامرا بمواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، بل ستكتفيان بدعم غير مباشر لإيران.

3. المواقف الإقليمية: بين الحذر والتوازن

الدول العربية، وعلى رأسها دول الخليج، تجد نفسها في موقف معقد. فهي من جهة تخشى النفوذ الإيراني، ومن جهة أخرى ترفض التصعيد العسكري الذي قد يهدد استقرارها. إدانة الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران من قبل بعض دول الخليج يعكس هذا التوازن الدقيق. أما مصر، التي انضمت مؤخرًا إلى مجموعة "بريكس" إلى جانب إيران، فقد تتبنى موقفًا أكثر استقلالية عن المحور الأمريكي. تركيا، بدورها، تميل إلى الحياد الحذر، مع رفضها العلني لأي دعم لإسرائيل في مواجهة إيران.

4. هل نحن على أعتاب حرب عالمية ثالثة؟

السؤال الذي يفرض نفسه: هل يمكن أن يتحول هذا التصعيد إلى حرب عالمية ثالثة؟ من منظور استراتيجي، لا تزال احتمالات الحرب الشاملة ضعيفة، نظرًا لوعي القوى الكبرى بتكلفة المواجهة النووية. إلا أن استمرار التصعيد، وتعدد الأطراف المنخرطة، قد يؤدي إلى انزلاق غير محسوب نحو صراع واسع النطاق. فالحروب الكبرى في التاريخ لم تبدأ بقرارات عقلانية، بل غالبًا ما اندلعت نتيجة سلسلة من الحسابات الخاطئة، وسوء التقدير، وتراكم الأزمات.

5. بين منطق الردع ومنطق الهيمنة

ما نشهده اليوم هو صراع بين منطقين: منطق الردع الذي تسعى إيران إلى ترسيخه عبر تطوير قدراتها الدفاعية، ومنطق الهيمنة الذي تسعى إليه الولايات المتحدة وإسرائيل لضمان تفوقهما الاستراتيجي. غير أن هذا الصراع لا يمكن فصله عن التحولات الكبرى في النظام الدولي، حيث تتراجع الأحادية القطبية، وتبرز قوى جديدة تطالب بإعادة توزيع النفوذ والشرعية.

6. خاتمة: الحاجة إلى عقلانية دولية جديدة

في ظل هذا المشهد المعقد، تبدو الحاجة ماسة إلى عقلانية دولية جديدة، تتجاوز منطق القوة إلى منطق التوازن والاعتراف المتبادل. فاستقرار الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحقق عبر القصف والتهديد، بل عبر حوار شامل يعترف بمصالح جميع الأطراف، ويؤسس لنظام إقليمي جديد، أكثر عدالة وشمولًا. إن السؤال الحقيقي ليس ما إذا كانت الحرب ستقع، بل: هل لا يزال في العالم ما يكفي من الحكمة لتجنبها؟

المراجع:

1. القدس العربي – التنسيق العسكري بين واشنطن وتل أبيب

2. الشروق – تصريحات إسرائيلية حول العمل العسكري

3. النهضة نيوز – باكستان تنفي الدعم العسكري

4. مونت كارلو الدولية – دعم إسلامي لإيران

5. بي بي سي – موقف روسيا والصين

6. بي بي سي – إدانة خليجية للهجوم الإسرائيلي

7. Eurasia Arabic – انضمام مصر وإيران 

8. مقاربات – تحليل خطر الحرب العالمية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق