السبت، 11 أكتوبر 2025

مكافحة الفساد واجب دستوري وتنموى

 مكافحة الفساد واجب دستوري وتنموى

على رئيس الجمهوريةالأستجابة الفورية لتقارير المحكمة العليا والرقابة العامة

المقدمة

في ظل ما كشفته تقارير المحكمة العليا والرقابة العامة لعام 2025 من اختلالات جسيمة في تسيير المال العام، وتفشي شبهات الفساد في مؤسسات الدولة، لم يعد السكوت خيارًا، ولا التأجيل مبررًا. إن رئيس الجمهورية، بصفته حامي الدستور وقائد السلطة التنفيذية، يتحمل مسؤولية مباشرة في مواجهة هذا التحدي الوطني، الذي يمس سيادة الدولة، كرامة المواطن، ومصداقية المؤسسات.

المرتكز الدستوري: حماية المال العام ومساءلة الفاسدين

- تنص المادة 57 من الدستور الموريتاني على أن المال العام ملك للشعب، ويجب أن يُدار وفقًا لمبادئ الشفافية والمساءلة، ويُعاقب كل من يعتدي عليه وفق القانون.  

- تقرير المحكمة العليا لعام 2025 كشف عن مخالفات خطيرة، أبرزها:

  - اختلاسات ممنهجة في مؤسسات حكومية.

  - فواتير صورية وتزوير في العقود.

  - شبكات فساد منظمة تعمل على الاستحواذ على المال العام.

- هذه المخالفات تُعد بلاغًا قضائيًا رسميًا يُلزم رئيس الجمهورية بالتحقيق الفوري وتفعيل أدوات المحاسبة.

الواجب الوطني: استعادة الثقة وحماية      السيادة

- الفساد يُضعف مؤسسات الدولة ويُفقد المواطن ثقته في وطنه. كما ورد في بيان حزب "جود"، فإن ما كشفه التقرير "يُهدد الاقتصاد الوطني ويُظهر وجود جمعيات أشرار هدفها تدمير المال العام".

- السكوت عن الفساد يُعد خيانة للثقة الشعبية، ويُغذي مشاعر الإحباط والاغتراب السياسي، ويُهدد الوحدة الوطنية.

- القيادة الوطنية تُقاس بالقدرة على اتخاذ قرارات جريئة، تطهر المؤسسات، وتعيد الاعتبار للعدالة والشفافية.

 الضرورة التنموية: شرط أساسي للنمو والاستثمار

- تقرير الرقابة العامة ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2025، رقم 01088، والصادر بتاريخ 4 نوفمبر 2024، أشار إلى اختلالات في إعداد الموازنة، وغياب الرقابة الفعالة على الإنفاق العام.

- تقرير البنك الدولي لعام 2020 أكد أن "غياب الشفافية يُكلف منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نحو 3.7% من الناتج المحلي الإجمالي، ويُضعف الثقة في الحكومات ويُعيق النمو الاقتصادي".

- تقرير موقع النجاح الاقتصادي شدد على أن "الفساد يُعيق التنمية المستدامة ويُقلل من العوائد الاقتصادية، ويُعزز عدم المساواة في توزيع الموارد".

 الإطار القانوني: قانون مكافحة الفساد رقم 2025/021

- صدر القانون رقم 2025/021 في 15 يوليو 2025، ويتضمن:

  - إلزامية التصريح بالممتلكات.

  - حماية المبلغين عن الفساد.

  - إنشاء السلطة الوطنية لمكافحة الفساد.

- هذا القانون يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات مباشرة لتفعيل التحقيقات، وتجميد أموال المتورطين، ومنعهم من تقلد الوظائف العامة.

 الخطوات التنفيذية العاجلة

1. إصدار أمر رئاسي عاجل بتفعيل السلطة الوطنية لمكافحة الفساد، وتكليفها بالتحقيق في كل ما ورد في تقريري المحكمة العليا والرقابة العامة.  

2. إقالة كل مسؤول ورد اسمه أو مؤسسته في شبهات التسيير، إلى حين انتهاء التحقيقات.  

3. نشر التقارير الرقابية كاملة للرأي العام، وتوضيح الإجراءات المتخذة بحق المخالفين.  

4. تعديل القوانين لتغليظ العقوبات على جرائم المال العام، وتسهيل إجراءات التقاضي.  

5. إشراك المجتمع المدني والصحافة المستقلة في الرقابة، لضمان شفافية وطنية شاملة.

الخاتمة

إن مكافحة الفساد ليست خيارًا سياسيًا، بل التزام دستوري، وواجب وطني، وضرورة تنموية. وكل تأخير في المحاسبة يُعد تفريطًا في السيادة، وإهانة للعدالة، وتواطؤًا مع الفساد. إن اللحظة التاريخية تفرض على رئيس الجمهورية أن يكون قائدًا للإصلاح، لا حارسًا للصمت. فالوطن لا يُبنى إلا على العدالة، والمستقبل لا يُصان الا بالمناسبة. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق