الثلاثاء، 9 سبتمبر 2025

العلاقة بين المواطن والوطن والدولة



المواطن بحكم طبيعته العقلية والبيولوجية والاجتماعية هو الكائن الفاعل.

هو من حاز الأرض (الوطن) عبر كفاحه ضد الطبيعة والوحشة والتهديدات.

هو من أعطاها المعنى والقيمة: فالأرض بلا إنسان فضاء خام، ومع الإنسان تتحول إلى وطن.

2. الوطن كنتاج لوجود المواطن

الوطن ليس مالكًا للمواطن، لأنه لا يملك إرادة أو فعلًا واعيًا.

بل هو مملوك للمواطن بحكم نشاطه وإرادته التي جعلت منه مكانًا للعيش والانتماء.

لا معنى لكلمة "وطن" إلا في وعي المواطن، فهو الذي ينشئ الرابطة العاطفية والمعنوية معه.

3. الدولة كتنظيم وضعه المواطن

الدولة ليست قوة فوقية أزلية، بل أداة إنشائية ابتكرها المواطن لتنظيم شؤونه.

هي "إدارة عقلانية" وضعها الإنسان لضبط الحقوق والواجبات، وحماية الملكية المشتركة (الوطن).

إذن: لا يمكن للدولة أن تدّعي أنها صاحبة المواطن، لأنها وليدة قراره الجمعي.

4. النتيجة المنطقية

لا المواطن مملوك للوطن، ولا المواطن مملوك للدولة.

بل المواطن هو المالك الأول، بالمعنى الفكري والإنشائي:

هو مالك للوطن لأنه حازه وطوّعه.

وهو منشئ للدولة لأنها ثمرة تفكيره ونشاطه الجماعي.

 يمكن أن نعبّر عنها بالصياغة الفلسفية:

الوطن موضوع،

الدولة أداة،

المواطن ذات فاعلة.

المواطن والوطن والدولة في ضوء النظام الإلهي: قراءة فلسفية–عقدية

 المواطن والوطن والدولة في ضوء النظام الإلهي: قراءة فلسفية–عقدية

المقدمة

تمثل العلاقة بين المواطن والوطن والدولة محورًا أساسيًا في الفكر السياسي والقانوني والفلسفي. لكن حين يُنظر إلى هذه العلاقة من منظور عقدي، يتضح أن أساسها يرتبط بالنظام الإلهي الذي خلقه الله، والذي يربط بين الخلق والرزق والعلم والعدل. هذا المقال يسعى إلى تفكيك هذه العلاقة عبر مستوياتها المختلفة، مبرزًا دور المواطن كفاعل مكلف، ودور الوطن كموضوع، والدولة كأداة، في ضوء السنن الإلهية.

أولًا: النظام الإلهي كأساس شامل

خلق الله الكون وفق نظام محكم ودقيق: "إنا كل شيء خلقناه بقدر" [القمر: 49].

النظام الإلهي ليس عشوائيًا، بل موزون بالعدل والحكمة.

الإنسان مُطالب أن يدرك هذا النظام، لا أن يخرج عنه.

ثانيًا: الرزق والعلم في المنظور الإلهي

الأرزاق: وضعها الله في الأرض والسماء، موزعة بعدل بين عباده: "وفي السماء رزقكم وما توعدون" [الذاريات: 22].

العلم: وهبه الله للإنسان لغايتين:

1. إدراك النظام الكوني وقوانين الطبيعة.

2. بلوغ الأرزاق واستثمارها بطرق مشروعة.

3. إدراك عدالة الله وتجسيدها في التعاملات الإنسانية.

ثالثًا: المواطن كفاعل مكلف

المواطن هو الأصل، وهو الذات العاقلة التي تملك الإرادة.

هو الذي حاز الأرض، وقاتل الطبيعة والوحشة، وحوّلها إلى وطن.

وهو الذي أنشأ الدولة، باعتبارها تنظيمًا عقلانيًا لإدارة شؤونه.

وبذلك لا يمكن أن يكون مملوكًا لوطن أو دولة، لأنه هو الفاعل المؤسس.

لكنه مملوك لله، الذي خلقه وأعطاه العقل والعلم والرزق.

رابعًا: الوطن كموضوع

الوطن في جوهره موضوع، أي أرض حاوية للأرزاق.

قيمته تنبع من الإنسان الذي يعمره ويستخرج خيراته.

لا إرادة للوطن في ذاته، بل هو وعاء مادي يخضع لإرادة المواطن.

من هنا، يصبح الوطن أمانة مشتركة بين جميع المواطنين.


خامسًا: الدولة كأداة


الدولة تنظيم وضعه المواطن لتنظيم حياته وحماية حقوقه.


هي ليست غاية بحد ذاتها، بل وسيلة لتجسيد العدالة وحماية الأمانة (الوطن والأرزاق).


الدولة تستمد شرعيتها من المواطنين، بينما يستمد المواطن وجوده من الله.


سادسًا: البنية الهرمية للعلاقة


يمكن تلخيص العلاقة وفق هرم فلسفي–عقدي:


1. الله: المالك المطلق، واضع النظام، واهب الرزق والعلم.

2. المواطن: الفاعل المكلف، الذي يعمر الأرض ويجسد العدالة.

3. الوطن: الموضوع، مستودع الأرزاق.

4. الدولة: الأداة، التنظيم الذي ينشئه المواطن لحماية النظام وتحقيق العدالة.


الخاتم

تتضح من هذا التحليل أن المواطن ليس مملوكًا لوطن أو لدولة، بل هو الذي يملك الوطن وينشئ الدولة، بفضل العقل والعلم والإرادة التي وهبها الله له. غير أن ملكيته ليست مطلقة، إذ هو نفسه مملوك لله، خاضع للنظام الكوني الدقيق الذي يفرض عليه إدراك عدالة الخالق وتجسيدها في كل مستويات حياته. وبهذا يصبح الفكر العقدي والفلسفي أساسًا لفهم العلاقة بين المواطن والوطن والدولة في إطار شامل وعادل